يد سيفها كان لك
يدٌ سيفها كان لك ...
ابراهيم جابر ابراهيم
ربما كان الموت, الآن, هو الحادثة الأكثر رواجاً!
ولأن "الإعلام" , في أي مكان من هذا الكوكب , هو السلطة الغاشمة, الأقل وضوحاً, وأجهزة التلفزيون مجرد حشد من الأسلاك والموجات "الكهروضوئية" بلا قلب أو رجفة يد.
فإن ما يحدث الآن في " إعلام العولمة " هو السعي لردم الهوة القيمية بين ضحايا حروب التحرير وبين الموتى بشتى صنوفهم ... حتى لو كان أحدهم سقط من بلكونة نادٍ ليلي !
يقعُ الأمر بين معادلتين واضحتين; الأولى مجسدة في المهابة التي أولاها ديننا وحفلت بها أعرافنا, وغصّ بها تاريخنا المكتوب والشفوي لقيمة "الشهيد" الذي هو حي يرزق, لم يجازف احدنا يوماً بأن يحسبه مع الذين ماتوا.
والاعلاء دائماً لمعنى "الشهيد" في مواجهة اعداء عقائديين ومستوطنين وغزاة, فباتت "الشهادة" فعل فخار وزهوٍ وتعالٍ, وصار وجود "شهيد" في عائلة مدعاة مباهاة بين صفوف أفرادها جميعاً!
بل إنه وفي ثقافة العربي, والمسلم, صار لقب "الشهيد" إن سبق الاسم, أرفع شأنا من "بروفيسور" أو "عالم" أو "مفكر", وفي الجانب العقيدي كان الاسلام دائماً ما يحذرنا من مغبة اعتبار "الشهداء" موتى عاديين.
والمعادلة الثانية هي تقديم أوراق البراءة لعالم غربي لا يقيم وزناً لنا, فضلاً عن عقائدنا, والتمظهر أمامه بمظهر "المتحضر" المتنصل من دينه وجلدته وشهدائه, والبريء من شرق موسوم بالإرهاب والدموية ونسف البرجين! أو التزّلف لهذا العالم بمغادرة موقعنا من هذه الأمة, تحت يافطة "الموضوعية" و"الحياد", واتخاذ "موقف نزيه" في معارك مفصلية تصطرع فيها حضارات بأكملها!
* * * * * * *
بين المعادلتين, اتجهت بعض "الفضائيات" , الى نصرة أمريكا ظالمة أو مظلومة!
وأعلنت بعربية فصحى مقتل الشهداء, دون ان تذرف عليهم دمعة واحدة.
ويأتي ذلك من باب "الإعلام الموضوعي النزيه", و"التغطية المحايدة" للمعركة.
ورغم ان ذلك ليس حياداً, إلا أنه من قال إن الحياد مطلوب حين تكون المعركة بين العرب وغزاة أرضهم ?
ومن قال ان الحياد مطلوب في معارك التحرر الوطني?
وكما تساءل "أمل دنقل" : "هل تستوي يد
سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثكلك?"
* * * *
لا يؤرق الشهداء إن نحن أسميناهم " قتلى".. لكنه مما يؤرق الأنبياء أن نساوي بين جثة العدو وجثمان الشقيق!.
2006-04-06