Sunday, May 07, 2006
اخطار تواجه دول الخليج
تقف منطقة الخليج العربي امام ثلاثة تحديات رئيسية: الحرب الاهلية الطائفية في العراق، البرنامج النووي الايراني، والتركيبة السكانية المختلة.
¶ Sunday, May 07, 2006 
تقف منطقة الخليج العربي امام ثلاثة تحديات رئيسية: الحرب الاهلية الطائفية في العراق، البرنامج النووي الايراني، والتركيبة السكانية المختلة.
ولا نعرف ما اذا كان قادة دول المنطقة الذين عقدوا اجتماعاً تشاورياً في الرياض قبل اربعة ايام قد بحثوا هذه التحديات بشكل مفصل، ام انه كان اجتماعاً مثل معظم الاجتماعات السابقة اي تبادل المجاملات، والتقاط الصور التذكارية.
فاللافت ان معظم حكام المنطقة وشعوبها باتوا مشغولين بالطفرة المالية الهائلة التي هبطت عليهم من جراء ارتفاع عوائد النفط (500 مليار دولار سنوياً)، اكثر من انشغالهم بالاخطار الاستراتيجية الهائلة، الداخلية والخارجية التي تحيط بهم.
فالموضوع الأهم بالنسبة الي الغالبية الساحقة من ابناء الخليج هذه الايام هو اسعار الاسهم والسندات، صعوداً او هبوطاً، في الاسواق المالية المتنامية. بينما يوظف الحكام والفئة الملتفة حولهم عوائد الدول المالية في شركات عقارية تبني ناطحات السحاب وسط الصحراء لإسكان العمالة الوافدة من مختلف انحاء العالم.ما يجري في العراق سينعكس بطريقة او بأخري علي محيطه الجغرافي، والخليجي علي وجه الخصوص. فدول الخليج ليست محصنة، بل هي الحلقة الاضعف بالمقارنة مع غيرها، ويمكن تلخيص انعكاسات الوضع العراقي عليها في النقاط التالية:
اولاً: تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين بات اكثر قوة وخبرة، وهو يضم نسبة كبيرة من الاصوليين الخليجيين، وهؤلاء سيعودون حتماً الي بلدانهم، اما متسللين متخفين، او لتنفيذ تفجيرات انتقامية من دولهم وحكوماتهم التي يعتبرونها كافرة موالية للامريكان ومشاريعهم في المنطقة.
ثانياً: الانقسام الطائفي في العراق ستكون له امتداداته في جميع دول الخليج. فهذه الدول جنست العديد من الايرانيين من المذهب الشيعي في زمن الشاه، باعتبارهم الأكثر اماناً، بالمقارنة مع الجنسيات العربية الاخري التي وصمت بالميول الناصرية والقومية او الماركسية، التي تقف في الخندق الفكري الآخر حسب تقسيمات الحرب الباردة في حينها. الحرب الباردة انتهت، والمنطقة مقبلة علي حروب ساخنة، وانقلابات خطيرة في خريطة التحالفات. والطائفة الشيعية بدأت تتململ، وتتمرد علي عمليات التهميش والتمييز التي تعانيها في معظم دول الخليج متشجعة بما يحدث في العراق.
ثالثاً: الاحتلال الامريكي للعراق ادخل مفهوم الفيدرالية بقوة الي المنطقة، فيدرالية تستند الي أسس طائفية وعرقية ومذهبية، وبات التقسيم او بالأحري التفتيت في العراق حقيقة واقعة تحتاج الي شرعنة دولية فقط، وسمعنا اصواتاً في الكونغرس والادارة الامريكية تتحدث علناً عن تطبيق نموذج البوسنة، او البلقنة في العراق باعتباره المخرج الوحيد من الأزمة الحالية.وتطبيق هذا النموذج في العراق، أي التقسيم علي أسس طائفية وعرقية ومذهبية، سيكون مقدمة لاعادة تقسيم المملكة العربية السعودية. وهناك تحركات انفصالية بدأت تطل برأسها في الحجاز والاحساء، وتجد بعض الدعم المادي والادبي، وتصدر مطبوعات ومواقع علي الانترنت.
أما التحدي الثاني فهو التحدي النووي الايراني وتعقيداته. والظاهرة اللافتة للنظر احجام دول الخليج عن اتخاذ موقف موحد. فمعارضة البرنامج النووي الايراني تبدو واضحة، ولكنها خجولة وتتدثر بعباءة الخوف من التلوث البيئي.هناك حلان لا ثالث لهما لأزمة البرنامج النووي الايراني، فإما ان تتخلي ايران عنه طوعاً مثلما حدث في جنوب افريقيا، او ان تقبل الولايات المتحدة بايران دولة نووية.من الواضح ان ايران لن تتخلي عن برنامجها النووي، والولايات المتحدة لن تقبل بوجوده وبطموحات ايران المستقبلية في انتاج رؤوس نووية، ولهذا فان المواجهة واردة، بل ربما تكون حتمية. فوجود قوة نووية تهدد الهيمنة الامريكية علي منابع النفط واحتياطاته، وتشكل توازن رعب مع الدولة العبرية من المحرمات التي تتفق عليها الدول الغربية جميعاً.دول الخليج ستكون الأكثر معاناة واستهدافاً من أي حرب جديدة علي ايران، وبغض النظر عن نتائجها. فهذه الدول مولت الحرب لتغيير النظام العراقي، ونجحت في ازالة نظام الرئيس صدام حسين من السلطة، فجاءت البدائل اخطر بكثير، اهمها احداث خلل في التوازن الاقليمي لصالح ايران، ومن غير المستبعد ان يؤدي تغيير النظام الايراني الي نتائج اكثر كارثية.الاخطار التي يمكن ان تهدد دول الخليج في حال حدوث مواجهة مع ايران يمكن حصرها في النقاط التالية:
اولاً: ستعاني دول الخليج من تلوث بيئي نووي في حال اندلاع المواجهة. فأكثر من 75% من مياه الشرب في المنطقة تأتي من معامل التحلية، وهذا يعني الموت عطشاً اذا ما حدث تسرب نووي لمياه الخليج بفعل أي ضربة امريكية لمفاعل بوشهر علي الساحل الشرقي منه.
ثانياً: أي انتقام ايراني من الضربات الامريكية المتوقعة سيكون من دول الخليج جنباً الي جنب مع اسرائيل سواء علي شكل ضرب آبارها النفطية او بناها التحتية الاقتصادية او القواعد الامريكية الموجودة فيها.
ثالثاً: ستكون دول الخليج مهددة بأعمال ارهابية داخلية، فهناك بعض الجماعات الايرانية المتواجدة علي ارضها التي ربما تتحرك في هذا الاتجاه. وتكفي الاشارة الي ما حدث في الكويت من تفجيرات في مطلع الثمانينات للسفارات الامريكية والفرنسية والبريطانية، ومحاولة اغتيال امير البلاد نفسه.
رابعاً: ستعمل ايران علي اغـــلاق مضيق هرمز ومنع دول الخليج من تصدير نفطها، وهذا يعـــني توقف 18 مليون برميل من الذهاب الي الاسواق العالمية.ويظل التحدي الثالث وهو لا يقل أهمية ذلك المتعلق بالخلل في التركيبة السكانية، ويكفي الاستناد الي ما ذكره الدكتور جمال السويدي مدير مركز دراسات الامارات الذي يرأسه ولي العهد الشيخ محمد بن زايد، في حديثه لصحيفة الاتحاد الرسمية امس الاول، حيث قال نحن كإماراتيين بتنا كأننا غير موجودين . واضاف بلادنا ملئت بمختلف الجنسيات حتي لم يعد لنا مكان فيها وتساءل لماذا نستورد سكاناً لبلادنا؟ سندفع ثمناً غالياً بخصوص هذه المشكلة في زمن اقصاه خمس سنوات .دول الخليج تبني ناطحات سحاب، وتستورد بشراً لملئها، حتي ان عدد سكان دولة مثل الامارات بلغ اربعة ملايين اقل من عشرة في المئة منهم من سكان البلاد الاصليين.وطالما ان هؤلاء بدون حقوق سياسية، واحتمالات تجنيسهم غير واردة علي الاطلاق فان علينا ان نتصور الصورة: اقلية تتمتع بالمليارات واكثرية جائعة محرومة الحقوق الانسانية الاساسية.هل ناقش قادة مجلس التعاون في اجتماعهم التشاوري هذه القضايا؟ الاجابة بالنفي لأن الاجتماع استغرق ساعتين علي الأكثر، وكل قضية من هذه القضايا تحتاج الي اسابيع من البحث والمناقشة.
عبد الباري عطوان
القدس العربي
10 / 5/2006
مشروع حفظ القرآن الكريم
عيون عربية
