رحلات مراوغ: في البحث عن ليون الافريقي المسلم الذي عاش بين عالمين: محمد بن الحسن الوزان رجل الهويات والاسماء المتعددة .
صمت عندما تنصر وعندما عاد الي ارض الاسلام
بقلم : ابراهيم درويش
29/01/2007
في عام 1514 قدم ملك البرتغال مانويل الاول فيلا ابيض غنمه جنوده من الهند، كهدية الي البابا ليو العاشر، وقد طوف الفيل المسكين في شوارع روما في حفل اعد بطريقة دقيقة وعمده البابا باسم انوني او هانو ، ورمزية الاحتفال الذي جري بأمر من البابا لها علاقة بطموحات الرمز الديني المسيحي ببسط سيطرته علي شمال افريقيا والمناطق حتي الهند.
الفيل دخل الذاكرة الشعبية الايطالية، كتبت فيه الاشعار ووضعت صورته علي المنتجات التجارية، وعندما مات امر البابا بوضع عبارات تخلد وصول هذا الكائن الغريب.
بعد اربعة اعوام قام قرصان اسباني بتقديم هدية جديدة للبابا، هذه المرة الرحالة والدبلوماسي والشاعر محمد بن الحسن الوزان الغرناطي، وجاء تقديم الغرناطي سفير امير المغرب للبابا كرمز لمحاولات وحملات البابا ضد العثمانيين ورغبته في هزيمة الاسلام، ورجل بعلم ومكانة وتاريخ الوزان سيتحول الي مصدر مهم للمعلومات عن العالم الاسلامي، خاصة افريقيا للدوائر السياسية والثقافية في روما التي بدأت تحس بمخاطر التمدد العثماني، ومع كل انتصار يحققه العثمانيون في البر الاوروبي او المتوسط كانت ترتفع وتيرة وحرارة الخوف لدي البابا الذي اخذ يدعو حكام اوروبا لتناسي خلافاتهم والعمل يدا واحدة ضد الدولة العثمانية التي دخلت جيوشها معظم شرق اوروبا.
وصول الوزان الي روما بعد اسره في قلعة كان حدثا مهما حيث سجلته اقلام ومذكرات الشخصيات المهمة في ذلك العصر، وحفلة تعميده التي تمت بعد خمسة شهور كانت احتفالا كبيرا في ساحة سانت بيتر، وسجل قيم مكتبة الفاتيكان الكتب التي استعارها الوزان من المكتبة ولكن مقارنة مع وصول هانو الفيل الهندي لم تكن هناك احتفالات عامة وشعبية بوصول الدبلوماسي المسلم الذي عمد باسم مسيحي وصار نصرانيا، وسنواته التسع التي قضاها في روما لم تنل الكثير من الاهتمام الا بملاحظات عابرة من الذين قابلوه وعودته الي شمال افريقيا لم يتوقف عندها معاصروه الاوروبيون الا قليلا.
والغموض الذي يلف حياة الوزان الذي سيحمل الكثير من الاسماء ايضا لم يقتصر علي الفترة الاوروبية، ففي اثناء خدمته لسلطان فاس لم يرد ذكره في كتابات ورسائل القادة العسكريين او الدبلوماسيين البرتغاليين، كما ان رحلاته الي دول الصحراء الافريقية ووصوله القاهرة في الايام الاخيرة للسلطان المملوكي قانصوه الغوري لم تنل اهتمام مؤرخ تلك الفترة وزيارته للقلعة والسلطان لم يسجلها ابن اياس في سجلات الزوار التي كان يهتم بها بعناية ودقة.
الغموض الذي يلف حياة الوزان لم يكن عائقا من كونه شخصية مهمة في مجال البحث والتأثير العلمي فمجموعة المخطوطات التي تركها وراءه في روما، حيث نشرت احداها عام 1550 ونالت حظوة وشعبية هائلة في ذلك الوقت.
لغز الرحالة العربي بدأ مع صدور اول طبعة من كتابه الذي سيعرف باسم وصف افريقيا ، فقد اختار ناشر الكتاب الاول جيوفاني باتيستا راموزيو الاسم المسيحي للوزان جيوفاني ليوني افريكانو ، وتبنت اللغات الاوروبية بتنوعات مختلفة الاسم الذي ورد في الطبعة الاولي في البندقية ضمن السلسلة التي كان يصدرها راموزيو ابحار ورحلات ، ومثل الف وليلة وليلة التي لعبت في المخيال الاوروبي شكل كتاب الوزان العقلية الاوروبية حول كل ما يتعلق بافريقيا لانه جاء من شخص عاش و قال الحقيقة ، كما اكد الوزان في اكثر من موقع في كتابه.
نسخة اخري من الكتاب عثر عليها باحث سوري في مكتبة الاسكوريال في مدريد وحملت النسخة اسم الوزان العربي المسلم اضافة لاسمه المسيحي مع اسم الشهرة الذي ارتبط به ليون الافريقي .
حتي القرن العشرين ظل ليون الافريقي شخصية هامشية ولم يكرس الكثير من الباحثين وقتا لقراءة الكتاب وتحليله، حتي بداية الاهتمام الفرنسي بافريقيا او العلوم الاستعمارية عن حياة وجغرافية والاثنيات والعناصر السكانية في هذه القارة.
لوي ماسينيون المستشرق والباحث الفرنسي الذي سيرتبط اسمه بالدراسات الاسلامية والصوفية خاصة الحلاج، قدم اطروحته للدكتوراه في جامعة السوربون عن المغرب في القرن السادس عشر كما وصفها ليون الافريقي.
اصدر ماسينيون كتابه عام 1906 وهو لحظة مهمة في تاريخ الاستعمار الفرنسي، حيث كانت فرنسا تحاول اقامة محمية لها علي المغرب.
تلونت عملية التعامل مع نص الوزان اذن بالمرحلة التاريخية، فآخر تعامل فرنسي ضمن النظرة الاستعمارية للاخر كانت محاولة اليكسس ايبولارد، الذي اعتمد علي دراسات ماسينيون ونسخة عثرت عليها باحثة اخري في ايطاليا، وتعتبر نسخته المترجمة جمعا بين عدد من النصوص، بما فيها النص الاول.
مع ولادة جيل جديد من الباحثين المغاربة والافارقة او المتخصصين بافريقيا، ظهر تعامل جديد مع الوزان وكتابه، حيث تجادل الكتاب والباحثون وصفه لافريقيا السوداء او بلاد السودان بين من يرون انه قدم وصفا دقيقا عن ممالك ومجتمعات غير معروفة، خاصة انه زار كل الممالك المعروفة في زمنه حتي النوبة ومنها ذهب الي القاهرة، ومر علي ممالك مالي وبحيرة تشاد، والنيجر.
اما اخرون فقالوا انه قدم رؤيته عن هذه المناطق بناء علي قصص جمعها وسمعها اثناء زيارته لتمبكتو، عاصمة مالي في بعثة لسلطان فاس، ولم يغادر هذه المدينة ابدا.
كل هذا الاهتمام يظهر ان كتاب الوزان كان مهما في تشكيل الوعي الاوروبي عن افريقيا.
ولهذا قامت الباحثة المغربية ام البنين زهري بتحليل ومتابعة ورحلات قادتها لامريكا، وقدمت دراسة عن اثر النسخة المطبوعة لكتاب الوزان علي آراء الاوروبيين فيما يتعلق بالطبيعة وسكان افريقيا.
وقامت الباحثة بدراسة الاثر هذا من خلال مراجعتها لمذكرات وكتابات الاوروبيين الادبية، ما اخذوه من الوزان، وما قاموا بصياغته او تجاهلوه.
وهنا فان اول ترجمة لوصف افريقيا ظهرت بالعربية عام 1980 وقام بها محمد حجي، استاذ التاريخ في جامعة الرباط، بعد ان دافع عن اطروحته الجامعية حول الحياة الثقافية المغربية في القرن السادس عشر.
ويري حجي مثل سابقه محمد المهدي الحجوي (1935) ان تنصر الوزان لم يكن حقيقيا وان هناك الكثير من الادلة التي تؤكد انه بقي مسلما ومات مسلما، من ذلك ما يشير اليه الحجي ان الوزان كان يشير عندما يتحدث عن المسلمين بعبارة نحن .
التوزع في التعامل مع شخصية محمد بن الوزان في اسمائه الكثيرة وهوياته المتعددة، وولائه الذي يشير الي الاختلاف اكثر من الهجنة يبدو واضحا في اهم عمل استعاد الوزان في قالب روائي تاريخي واعطي حياة جديدة له، مع انها محاولة لتقمص الكاتب شيئا من شخصية الرحالة المسلم الذي تنصر ظاهرا وظل مسلما في الخفاء.
امين معلوف في روايته الذائعة الصيت ليون الافريقي (1986)، حيث قدم معلوف الوزان/ ليون الافريقي باعتباره مجازا او معادلا له ولهويته التي تجاوزت الخلافات وتعالت علي الهويات اللغوية والدينية والقومية المحددة خاصة ان معلوف ينتمي الي بلد محاصر بالهويات والولاءات.
يقول بطل معلوف جئت من لا بلد، ولا مدينة ولا قبيلة ، ويضيف ليون الروائي واصفا نفسه انا ابن المفاوز، بلدي هو القافلة.
.
كل اللغات والصلوات هي لي .
والوزان هنا لا يعاني من اشكالية الهوية وتوزعها، فهو يقول انتمي لثقافة بلدي الاصلي وبلد المتبني .
فهو ابن قبيلة تذرع الصحراء وتعيش في الواحات، وعندما تجف مياهها تنتقل الي مكان آخر، عائلة الصحراء متشابكة، فالطرقات المتعددة لا تبني جذورا ولكن ثقافات.
ليون امين معلوف، هو رجل من المتوسط عاش وعايش ثقافات متعددة.
ومع انه شخصية مفتوحة الا انه فتح نقاشا حول هوية الكاتب وولائه وافكاره، خاصة تلك التي خلفها في وصفه لافريقيا.
ويلاحظ في هذا الكتاب ان الوزان مارس لعبة حيلة او خداع للقارئ، كوسيلة للخروج من مأزقه، مأزق الهوية الجديدة.
والقارئ لكتابه وفي باله البحث عن مفاتيح الهوية يلاحظ ان وصف افريقيا الذي كتبه الوزان، او يوحنا الاسد، وهو اسمه الذي اتخذه فيما بعد، يحمل لغة مخادعة حذرة، خاصة عندما يتعلق الامر بالهوية الدينية، فهو وان لم يمتدح الدين الاسلامي، دينه ولم ينتقص من المسيحية الا انه وهو الدبلوماسي العريق التزم لغة فيها الكثير من الحذر، وعندما يأتي الحديث مثلا عن اديان افريقيا الوثنية فانه يعرض الامر بلغة عامة، حيث يقول انهم ليسوا مسلمين او مسيحيين او يهودا.
وفي استعراضه لتاريخ افريقيا ليس في محددها الجغرافي المعروف عند الكتاب الاسلاميين بل من خلال بعدها الجغرافي الاوروبي فانه يقدم ما يعرفه كمسلم حيث يشير بعبارات عامة لدين محمد الذي انتشر من خلال الدعوة.
هذا الموقف المحايد او الغامض، واللغة الماكرة لم تفت علي المترجمين الذين اضافوا عبارات تعبر عن موقفهم من الديانة الاسلامية، مع الاخذ بعين الاعتبار جو الخوف الذي كانت تعيشه اوروبا من تصاعد قوة العثمانيين، وجهود البابا لبناء تحالف يواجه الاسلام ويقضي عليه.
الوزان كان صامتا وهو يكتب كتابه بلغة غير لغته العربية، وقدرته علي استخدام الايطالية لم تكن جيدة علي الرغم من عشرة اعوام في روما، حول هويته الدينية الجديدة، فهو لم يشر اليها ولا الي اسره ونقله في الفاتيكان وتعميده، هذا الصمت هو جزء من استراتيجية الحيلة التي مارسها ليون الافريقي، فكتابته المترددة بين عالمين ووضعه الغريب والمتطرف جعلته ينتبه لحقيقة مهمة انه كان يكتب لجمهور مختلف اوروبي، واخر مسلم، ومن هنا فتوزعه بين هذين البعدين حتما عليه استخدام قناع يخفي هويته ويبدو محايدا، فهو عندما يكتب عن تاريخ افريقيا لا يتردد في نقد الممارسات الشعبية والطقوسية والخلط في معتقدات الافارقة، وفي الوقت الذي يثمن فيه جمال مدن الشرق الا انه ينتقد عادات الاكل من قدر واحد، حيث لا يلتفت الكثيرون الي اداب الطعام، يأكلون باصابعهم من قدر واحد وبسرعة، بدون مناشف او سكاكين، ويشربون في نهاية الطعام ابريقا من الماء، وهذا خلاف الاداب المعمول بها في الغرب.
هذا لا يعني ان الوزان تغير بسبب وجوده في المغرب، فقد كان ناقدا للممارسات هذه ولكن ليس بتطرف الفقيه المغربي المغيلي، الذي اصدر فتاوي للممالك الصحراوية للتعامل مع غير المسلمين.
يمثل محمد بن الحسن الوزان حالة متطرفة فأسره من قبل القراصنة الاسبان جاء استثنائيا، خاصة في ظل تسيد القراصنة المسلمين والتحالف بين عروج امير القراصنة وشقيقه خير الدين من جهة وامير تونس، والمنطقة التي اسر فيها تظل محلا للجدل، فربما اسر قرب جربة حيث كانت المحطة التي يستريح فيها المسافرون وهي المرحلة الثانية بعد مغادرتهم شواطئ مصر، او قرب جزيرة رودس عندما القي اتباع القرصان دون بدرو دي كابريرا يي بوباديلا، وبحسب التقرير فان السفينة التي اسرت في 18 حزيران (يونيو) 1518 كان علي متنها 60 تركيا وربما كان الوزان واحدا منهم، الذي اتم مهمة دبلوماسية لسلطان فاس محمد البرتغالي.
القرصان بدرو كان له شقيق هو اسقف سلامنكا، وهو الذي اعطاه الفرصة لكي ينقل الاسير من قلعة سانت انجليلو.
وكان اسره قد جاء في لحظة مهمة في تاريخ العلاقات المسيحية ـ الاسلامية، حيث كانت بداية القرن السادس عشر، والعقد الاخير من القرن الخامس عشر حافلة بالتغيرات ليس علي صعيد اوروبا بل والعالم الاسلامي، الصراع الصفوي ـ التركي، والصراع التركي ـ المملوكي، والصراع بين ممالك دول الصحراء الافريقية، ومن هنا فان وصول دبلوماسي مسلم قابل السلطان سليم الثاني في الباب العالي كان خبرا مهما.
ويعتقد ان الوزان لم يعذب او يعامل بطريقة سيئة عندما تم التعرف علي شخصيته، ومن هنا فان قراره اعتناق المسيحية جاء بناء علي حسابات ووضع حرج.
تعميد يوحنا الاسد/ الوزان الذي، اعطاه حرية التحرك الذي تم عام 1520، حيث وضعه البابا في عهدة ثلاثة من كبار المثقفين والمسؤولين في تلك الفترة، احدهما مير كابري، البرت بيو، احد طلاب فلسفة ارسطو وجامع كتب بالعربية والعبرية والارامية عن الدين والطب والفلك، وايغيديو دا فيتربو، احد المهتمين بالافلاطونية المحدثة والكابالا اليهودية، وهم الذين اغنوا رؤية الوزان عن الحياة الغربية، وعلي الرغم من علاقته مع الثلاثة الذي كان لكل واحد اهتماماته الادبية او العلمية والفلسفية، فالوزان ظل يعيش علي حافة المجتمع.
ونظرا لصعوبات حديثه باللغة الجديدة فان هذا اثر علي وضعه الثقافي داخل حاضرة الفاتيكان، فقد كان مصدرا للمعلومات عن العالم الاسلامي، وليس مشاركا فيها، ولانه لم يكتب كتابا او دراسة فظل يعد داخل الدوائر الايطالية باعتباره خارجا عن الطبقات المثقفة.
لا يعدم الوزان، وضمن ظروف ايطاليا في تلك الفترة لقاء عدد من المثقفين اليهود والعرب المسيحيين الذين كانوا منشغلين بترجمات للنصوص الدينية، من العربية واليها، وقد تعاون الوزان مع يهودي تعود اصوله الي الاندلس مثله علي اعداد معجم عربي ـ عبري ـ لاتيني، وقد اسهم الوزان فيه ب 6600 كلمة عربية لكن المشروع لم يكمل بسبب انشغالاته.
ومن بين المخطوطات التي تركها في فترته الاوروبية كتاب ينتمي لكتابات الطبقات الاسلامية، وقد كتبه من خاطره واعترف فيه بضعف الذاكرة، وكتاب في الفقه المالكي وكتاب عن الوقائع الاسلامية، واخيرا كتابه الاهم وصف افريقيا .
قصة محمد بن الحسن الوزان/ ليون الافريقي/ يوحنا الاسد تعيد الباحثة والمؤرخة الامريكية ناتالبي زيمون ديفيس تشكيلها في كتاب صدر حديثا عن دار فابر اند فابر ، بعنوان رحلات مراوغ : في البحث عن ليو افريكانوس، مسلم من القرن السادس عشر بين عالمين ، وهي تلاحق الوزان منذ كان صبيا عندما رحلت عائلته الي فاس بعد او قبل سقوط غرناطة، ورحلاته مع عمه الي مناطق البربر، ومن رحلاته الي السلطنات المغربية مبعوثا لسلطان فاس، ورحلته لافريقيا، واخيرا زياراته للقاهرة وتركيا، ورحلته الي روما.
وتعيد ديفيس حكاية قصة الوزان عبر طرح عدد من التساؤلات وتخيل سيناريوهات والدخول في عقل الرحالة الذي تري ان كتابه وصف افريقيا كان اهم ما كتب وترك اثرا علي جانبي البحر المتوسط، ولكن صمتا يغلف حياة كاتبه سواء في المصادر العربية والغربية.
وتعيد ديفيس رسم الحياة الثقافية في المغرب والفاتيكان، روما، حيث تطلعنا علي عالم مليء بالتطورات السياسية والتساؤلات الثقافية والشهوة للمعرفة التي اسهم فيها الوزان بقدر مهم، وتلاحق الكاتبة سيرة بطلنا ورحالتنا حتي عام 1527 حيث رحل الوزان عن روما.
وهنا يختفي اثره الا من اشارات لبعض رعاته انه رحل الي تونس التي كتب عنها كثيرا، وهناك اشارات اخري انه كان يفكر بالرحيل الي القاهرة، خاصة بعد ان اصبحت العودة للمغرب نوعا من الاستحالة، للخوف ولتغير الظرف السياسي، وايا كان فقصة الوزان تنتهي عندما يقطع البحر مرة ثانية نحو بلاده الاصلية ويستعيد ايمانه، في نهاية رواية ليون الافريقي يحدثنا الرحالة حديث الرجل الحكيم الذي اثقلت كاهله السنون، وينتظر الرحلة الاخيرة للقاء ربه.
كتاب جميل يفتح افاقا جديدة لمعرفة عالم ضائع وصورة مغامر مسلم، كان قدره ان يقع في الاسر ويقدم هدية للبابا في الفاتيكان، ولولا الاتراك لما كان الوزان بصفته دبلوماسيا وفقيها ليحظي باهتمام البابا او مسؤولي الفاتيكان.
سيرة الوزان الجديدة تقدم بعض المفاتيح لفك لغز الرحالة الماكر، المراوغ.
بالنسبة لديفيس، فالوزان شخصية تفهم من خلال النص، فهو نص اكثر منه شخص حقيقي / رحالة ومغامر، وما كتبه يعتبر اهم من حكايته الحقيقية، وهي ككاتبة ومعلقة علي التاريخ الثقافي ومؤلفة كتاب مهم صدر عام 1983 عن سرقة الهوية والشخصية تدور في نفس القرن الذي عاش فيه الوزان، القرن السادس عشر، عودة مارتن غويري كانت قادرة علي بناء الزمن وتنوعاته، خاصة في اوروبا بدايات عصر النهضة.
تنتهي ديفيس في بحثها عن اشارات والغاز للتخلي عن مهمتها البحث عن مصير الوزان الذي لم نعرف ما حدث له بعد نهب روما 1527، وتنهي كتابها بتخيل لقاء بين الوزان وأحد كبار كتاب النهضة الاوروبية فرانسوا رابلياس متسائلة عن اثر وصدمة اللقاء بين عقلين مختلفين في روما .
.
يبدو ان الكاتب المراوغ، مثل الطير المراوغ في الاساطير العربية، رواغها وخدعها وقررت التخلي اخيرا عن مهمة البحث عن مصير الكاتب.
المؤلفة :ـ ناتالي زيمون ديفيس مؤرخة وكاتبة نسوية ولدت عام 1928 في ديترويت، وتقول ان علاقتها مع الوزان بدأت قبل نصف قرن عندما انهت رسالتها للدكتوراه عن النهضة في فرنسا، ولها العديد من الكتب منها العبيد علي الشاشة: الفيلم والرؤية التاريخية ، الهدية في فرنسا القرن السادس عشر ، نساء علي الهامش: ثلاث حكايات من القرن السابع عشر . وتعيش الان في تورنتو، كندا.
المترجم (عرض الكتاب باللغة العربية): ابراهيم درويش ، ناقد من اسرة القدس العربي
الكتاب : Trickster Travels: In Search of Leo Africanus ، a Sixteenth-Century Muslim Between Worlds ، Natalie Zemon Davis ،Faber & Faber 2006
رأي ، تعليق ، تدوين ، عربي ، عربية ، تقنيّات ، تقنيات ، معرفة ، أدوات ، إدراك ، مدوّنة ، تصنيفات ، تدوين ، تدوينة ، مفكرة ، أفكار ، تفكير ، قراءة ، مقروءآت ، إستقراء ، إقرأ ، ثقافة ، حضارة ، إنسانيات ، موسوعة ، تاريخ ، فطرة ، دراسات ، أبحاث ، إتصالات ، تواصل ، تعليم ، تربية ، تحدّي ، إكتشاف ، سؤال ، جواب ، شبكة ، معلومات ، معلوماتية ،،،